Mohamed Elkadi
محمد القاضي
مما لا شك فيه أن الصين تعتبر اليوم بمثابة الوزن الذي يمكن أن يغلب كفة ميزان الصراع القائم في أوكرانيا بين روسيا والحلف الأطلسي إما لصالح روسيا أو لصالح الحلف الأطلسي، وتدخل الصين لصالح أي طرف من الطرفين سيؤدي إلى انهاء وانهزام الطرف الآخر.
والصين مدركة كل الإدراك لهذا الأمر وواعية تمام الوعي بأن مفتاح شكل النظام العالمي الجديد الذي يتشكل في أوكرانيا ومنطقة الشرق الأوسط ، يتواجد في يدها وبحوزتها … ولكن لا يمكن أن تسلمه لأي طرف من طرفي الصراع إلا بعد تدارس السبل الكفيلة التي تمكنها من حصة الأسد في كعكة ومنافع هذا النظام العالمي الجديد.
ومن المرجح أن يكون خبراء الصين منكبون على دراسة هذا الأمر بشكل عميق ومستفيض هل ستستمر على الحياد أم ستتدخل بشكل أو آخر لصالح أحد أطراف الصراع وما هي منافعها من انتصار روسيا وماهي منافعها من انتصار الحلف الأطلسي.
وجدير بالذكر أن الصين تدرك أيضا أن انتصار الحلف الأطلسي على روسيا، يعني أن الدور عليها قادم لا محالة من بوابة جزيرة التايوان وكوريا الجنوبية، ومن ثمة فإن تدخلها العلني في الصراع القائم بين الحلف الأطلسي والروس سيتأخر إلى إلى بضعة أسابيع أو ربما شهور، في الوقت الذي ستستمر فيه إلى الدعوة إلى حل وتسوية الأزمة بالطرق الديبلوماسية، وهذا نستشفه من خلال تصريحات الدبلوماسيين الصينيين وقادة بكين مع عدم خضوعها لقرار العقوبات الاقتصادية والمالية على روسيا.
وفي هذا الإطار أعرب وزير خارجية سنغافورة، فيفيان بالاكريشنان، في تصريح صحفي له بصحيفة “ستريتس تايمز” عن بالاكريشنان قوله يوم الخميس: “تلعب الصين الآن دورا حاسما في تشكيل النظام العالمي الجديد.”، لافتا من جهة أخرى إلى أن بكين “أشارت إلى أهمية الحفاظ على وحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها”.
وأضاف ذات الوزير : “نحن بحاجة لمعرفة الإجراءات التي ستتخذها الصين بعد ذلك”، مضيفا توقعه بأنه: “إذا تعمق تقسيم الاقتصاد العالمي، والسلاسل العالمية، والتقنيات، فسيظهر عالم مختلف تماما”.
ورأى الوزير أن “الصين لها تأثير مهم على روسيا”، معربا عن أمله في أن تتمكن بكين “من استخدام نفوذها” في الوضع الحالي حول أوكرانيا، وتابع قائلا: “سنرى في الأيام أو الأسابيع المقبلة ما إذا كان هذا حقيقة أم تفكير تمني”.
وكان السفير الصيني لدى الولايات المتحدة، تشين جانج، قد قال في مقال نُشر يوم الأربعاء في صحيفة واشنطن بوست، إن “السلطات الصينية كانت ستفعل كل ما في وسعها لمنع الصراع في أوكرانيا، لو أنها علمت به مسبقا”، نافيا مزاعم ترددت بأن “الصين كانت على علم مسبق بالأعمال العسكرية الروسية، وأنها طلبت من روسيا تأجيلها حتى نهاية الألعاب الأولمبية الشتوية”، وأيضا أن “موسكو تسعى للحصول على مساعدة عسكرية من بكين”.
وأشار تشين جانج إلى أنه في الوضع المحيط بالأزمة الأوكرانية “يجب احترام أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة احتراما كاملا، ويجب احترام سيادة وسلامة أراضي جميع البلدان، بما في ذلك أوكرانيا، ويجب أن تُحترم الشواغل الأمنية المشروعة لجميع البلدان.. يجب أن تؤخذ على محمل الجد، ويجب دعم جميع الجهود المبذولة للتوصل إلى تسوية سلمية للأزمة”، مشددا على أن “الصين ستواصل تنسيق الجهود الحقيقية لتحقيق سلام دائم” في أوكرانيا.
روسيا كانت أطلقت يوم 24 فبراير ما أسمته عملية عسكرية خاصة لنزع السلاح والقضاء على النازية في أوكرانيا، فيما الرئيس بوتين أشار إلى أن أن الهدف من هذه العملية يتمثل في “حماية الأشخاص الذين تعرضوا للإهانة والإبادة الجماعية من قبل نظام كييف طيلة ثماني سنوات”.
في سياق متصل أشارت العديد من التقارير الصحفية أن الحلف الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية إذا تأكد من رغبة الصين في الانضمام لروسيا، سيتجه في المنحى الذي يخفف الضغوط على الروس والسماح لحكومة كييف بالتفاوض على أرضية المطالب الروسية.
