بقلم / محمد القاضي
اليوم الثالث من كل ماي يحتفل العالم بشكل عام وأمّة الاعلام والصحافة بشكل خاص باليوم العالم لحرية الصحافة ؛ إذ شاءت الأقدار الإلهية أن يأتي اليوم العالمي لهذه السنة بالتزامن مع محاولة السطو على حرية الصحافة ببلادنا من قبل من يفترض فيهم أن يكونوا حصنا منيعا أمام كل من يريد استهدافها واستهداف العاملين بها.
فبعد فشل محاولة تمرير قانون رقم 20-22 الخاص بـ “إغلاق الأفواه وتكميمها” سنة 2020 من قبل جزبين إثنين مشاركين في الحكومة التي يقودها البيجيدي؛ تتفتق عبقرية رئيس المجلس الوطني للصحافة ومن يدور في فلك عبقريته بالاقدام على استهداف الصحافة بشكل مباشر من خلال التحايل على القانون 88.13 والقانون 89.13 وتأويل نصوصه بشكل مغلوط وسيء جدا للإجهاز على المقاولات الإعلامية والمؤسسات الصحفية في انتهاك صريح لمقتضيات الدستور لغاية لا يعلمها سوى الراسخين في علم طحن الحريات العامة وقتل الصحافة المستقلة التي تعالج قضايا الأمة بحس وطني أصيل وتعبر عن آمال وتطلعات المواطن وصوت المواطن والتي تحترم أخلاقيات العمل الصحفي المتمثلة في المصداقية والموضوعية والاحترافية والمهنية والحيادية..
ولابد من التذكير أن أمة الإعلام والصحافة تحتفل في الثالث من ماي من كل سنة باليوم العالمي لحرية الصحافة؛ بعد أن حددته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”، لتحيي عبره ذكرى اعتماد “إعلان ويندهوك” التاريخي الذي تم في اجتماع للصحافيين الأفارقة في 3 مايو 1991؛ إذ أنه منذ ذلك الوقت؛ وتحديدا من سنة 1993 يتم إحياء هذا اليوم العالمي للوقوف على المخاطر التي تهدد حرية الصحافة والتي تعكسها التقارير التي تكرس الواقع وتتجاهل مظاهر النكوص والردات الحقوقية التي تطال حرية الصحافة وحرية التعبير من خلال تصاعد الهجمات ضد الصحفيين وحملات الاعتقال والسجن والاعتداء والاغتيال الذي يطال العديد منهم ؛ ومحاولة إقحامهم او استخدامهم في الصراعات السياسية بطريقة أو أخرى.
إن اليوم العالمي لحرية الصحافة يوفر فرصة لأمة الصحافة وممثلي المجتمع المدني والسلطات والأكاديميين وجمهور القراء لتقييم واقع الصحافة وحرية الصحافة ومناقشة وتدارس التحديات التي تواجه هذه الحرية وسلامة الصحفيين والعمل على تحديد الحلول لتحصين الجسم الصحفي من أمراض السياسيين لأجل تعزيز سلامة الممارسة الصحفية وتحصين استقلاليتها ومهنيتها من التأثير السياسي والاقتصادي لكي تكون عاملا أساسيا ومؤثرا في تحصين المكتسبات الديمقراطية والحقوقية وتسليط الأضواء على دروب الفساد والظلام ومحاصرة رموزه وأزلامه.
ومما لا شك فيه أن معظم مثقفي ونخب المجتمعات يسجلون ان تفشي جائحة كوفيد-19؛ اقترن ايضا بتفشي جائحة أخرى أكثر خطورة تتمثل في تضليل الناس سواء عن طريق نشر نصائح صحية أو الترويج لنظريات المؤامرة بطريقة لا تعرف حدا تقف عنده؛ ما يستدعي تدخل الصحافة التي تعتبر الوسيلة الوحيدة لتقديم المعلومات و الترياق بالنظر إلى ما تمتلكه من أخبار ومعلومات متعددة المصادر وتحليلات علمية مؤكدة تدعمها بالمقابلات الصحفية مع اهل الاختصاص أو التحليلات المدعومة بالوثائق والوقائع.
باختصار شديد ؛ الصحافة هي القائد الحقيقي للمجتمع وبفضلها تم إسقاط قانون تكميم الأفواه وستسقط مهندسي تنزيل القانونين 88.13 و89.13 والمتواطئين معهم بطريقة مغلوطة للاجهاز على الصحافة والتعددية الصحفية.
لذلك فالصحافة يجب ان تكون في خدمة المجتمع لا في خدمة لوبيات سياسية واقتصادية.
والاقتصادي والسياسي اللذين يتطلعان الى بناء نهضة مجمعية؛ ينبغي عليهما أن يقدم جميع أشكال الدعم والمساعدة لأسرة الاعلام والصحافة ليس بغرض استمالتها لصالحهما ولكن لتكون لها القدرة على القيام بدورها الريادي كسلطة رابعة في تنوير المجتمع والقيام بدور الرقابة الشعبية وتسليط الأضواء على دروبه المظلمة والمساهمة ايضا في تحصين تماسك اللحمة الوطنية والنسيج الاجتماعي وإبراز تطلعات المجتمع وجهوده الرامية إلى تعزيز السلم الاجتماعي والسلام والعدالة الانسانية تطبيقا لقاعدة “العقول الحاسمة في الأوقات الحرجة” .
إن من يريد تنزيل القانونين 88.13 و 89.13 بطريقة مغلوطة وعلى مقاس ميزاجه؛ لا يمكن تحت اي شكل من الاشكال أن يكون مؤتمنا على أمة الصحفيات والصحفيين. ورعاية مصالحهم.
إرسال تعليق