فضيحة جنسيّة تطال المُرشّح الأمريكي جو بايدن.. لهذه الدّلائل قد يكون الرئيس ترامب ضالعاً فيها وما علاقتها بفضيحة أوكرانيا؟.. ماذا يعني أن ترغب الضحيّة بمُحاسبة بايدن “بعد ثلاثين عاماً” وتصدير “تنّورتها” إعلاميّاً؟.. سُمعة “غزو العِراق” والطّريق المُمهَّد بالفضائح للبيت الأبيض!
هُناك دوافع كثيرة، قد تدفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى التّفكير مليّاً بكيفيّة البقاء والفوز في الولاية الثانية على بقيّة مُرشّحيه المُنافسين، فالانتقادات لتقصيره في ملف فيروس كورونا تتوالى، كما أنّ أعداد وفيات الفيروس بالآلاف يوميّاً، وسط غياب لوجود لقاح مِثالي للقضاء على “كوفيد 19″، وتحوّل بعض الولايات الأمريكيّة لمُدن أشباح، وهو ما قد يُقلِّل حُظوظه بالفوز لولايةٍ ثانيةٍ تمتد لأربع سنواتٍ أخرى.
أقل من ثمانية أشهر تبقّى على إجراء الانتخابات الرئاسيّة الأمريكيّة، وهو ما يُحتِّم على جميع المُرشّحين الاستعداد جيّداً لخوض السباق الرئاسي، النزاهة والمُنافسة الأخلاقيّة لا تبدو أنّها واردة في حساباتهم، أو على الأقل في حسابات الرئيس الحالي ترامب، حيث تاريخه الأخلاقي، حافلٌ بقضايا التحرّش، والرشاوى لإسكات الضحايا، وليس مُستبعداً أن يستخدم ذات الطرق في مُحاولةٍ للتخلّص من مُنافسيه وعلى رأسهم نائب الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، والذي حاول التخلّص منه فيما عُرِف بفضيحة أوكرانيا.
الفضيحة الجنسيّة التي صدّرتها وسائل الإعلام الأمريكيّة، للمُرشّح الرئاسي بايدن، قد يكون للرئيس الأمريكي الحالي يد فيها، حيث توقيتها اللّافت، وتعد في مقتل لبايدن، خاصّةً مع بَدء العد التنازلي للانتخابات الرئاسيّة، ونيّة بايدن بالأساس كما أعلن نسف كُل “مُنجزات” ترامب في حال وصوله لسدّة الرئاسة، على رأسها مُعاقبة السعوديّة ومسؤوليّتها عن حرب اليمن، وإعادة التفاوض مع الإيرانيين، حيث جو بايدن، يلقى دعماً لافتاً من الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، وفي الغالب أنه سيسير على نهجه في إدارة الولايات المتحدة الأمريكيّة.
فضائح الجنس، كانت عادةً ورقةً من الأوراق الأمريكيّة المُؤثِّرة في ضرب سُمعة المُرشّحين الرئاسيين، أو رؤساء وصلوا إلى رئاسة أمريكا، وأشهرها قضيّة الرئيس الأسبق بيل كلينتون، والمُتدرّبة السابقة في البيت الأبيض مونيكا لوينسكي، والعلاقة الجنسيّة التي جمعتهما داخل مقر الرئيس، وكانت ستؤدّي إلى عزله، ولعلّ الفضيحة الجنسيّة التي ارتبطت بجو بايدن، ستُمهِّد الطريق لترامب، لإدامة جُلوسه على مقعده في البيت الأبيض، لأربع سنوات جديدة قادمة.
أصابع الاتّهام قد تكون مُوجَّهةً بالأكثر لترامب، بالوقوف خلف تلك الفضيحة، فهو أوّلاً أكثر المُستفيدين من الإضرار بسُمعة مُنافسه الديمقراطي، وهي ثانياً القضيّة الرسميّة الأولى التي تُسجَّل بحق بايدن، وتحديداً بعد ترشّحه للانتخابات الرئاسيّة العام 2020 عن الحزب الديمقراطي، وهو المُرشَّح الأوفر حظّاً ثالثاً، والأكثر مُنافسةً لترامب، هذا عدا رابعاً عن تفاصيل الشكوى الجنائيّة، والتي تحمل تفاصيلاً، لا يُمكن أن تكون فقط لشُعور ضحيّة التحرّش “تارا ريد” بالظّلم المُفاجئ، ورغبة عارمة بمُحاسبة الجاني.
وفي التفاصيل، قدّمت المُوظّفة السّابقة تارا ريد في مكتب بايدن، شكوى جنائيّة ضدّه إلى إدارة شرطة واشنطن، واتّهمته بالتحرّش بها، وهو “التحرّش” الذي وقع بحسبها في ممر مجلس الشيوخ، ويكون لافتاً وليس عابراً لمُعلّقين، أنّ الحادثة وقعت قبل “ثلاثين عاماً” تقريباً، وهو ما يضع علامات استفهام حول توقيتها، كما ومُحاولة فهم أسباب السيّدة ريد، والتي قدّمتها في سياق توضيحها الأسباب التي دفعتها لتقديم الشكوى، حيث أكّدت في حديثها مع مجلّة “نيوزويك” الأمريكيّة، أنّها قرّرت تقديم الدعوى لضمان مُحاسبة بايدن، وأمثاله على أفعالهم، وهي توضيحات قد لا يضعها البعض بمعزلٍ عن السياسة وكواليسها، وخاصّةً أنّ صاحبة الشّكوى وجّهت اتّهامات لأنصار بايدن أيضاً بتشويه سُمعتها بأنّها عميلة روسيّة، على خلفيّة نشرها منشوراً في مدوّنة العام 2018، تمتدح فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وخاضت صاحبة الشّكوى في تفاصيل جريئة ومُحرجة، حول تحرّش بايدن بها العائد للعام 1993، قد لا تُقدِم عليها إمرأة أخرى إعلاميّاً، حيث ادّعت تارا ريد، أنّ بايدن “دسّ يده تحت تنّورتها حتى لامس إصبعه عُضوها التناسلي”، وهو ما يشي بمُحاولة أكبر منها من مُحاسبة بايدن كما قالت، وتشويه سُمعته لدرجة تفصيل حادثة التحرّش، والإطاحة به تحديداً من عُقول النّاخبات الأمريكيّات، اللّواتي قد يُفكّرن بانتخابه، فهو يُشكِّل خطراً عليهن على الأقل من منظور نسائي وحركات المجتمع المدني ومُناصرة قضايا المرأة، في حال صحّت تلك الادّعاءات، وتزامنها أيضاً مع انسِحاب مُنافس بايدن قبل أيّام في الحزب الديمقراطي، بيرني ساندرز من السّباق الانتخابي.
الديمقراطيّون حاولوا الإطاحة بالرئيس ترامب، وفشلوا في عزله، حين حاولوا استغلال ملف “فضيحة أوكرانيا”، والتي طلب فيها الرئيس ترامب من نظيره الأوكراني فلاديمير زلنسكي إجراء تحقيق بخُصوص عائلة جو بايدن، والمُنافس لترامب في انتخابات الرئاسة، حيث لبايدن مجموعة أعمال في مجال الطاقة في أوكرانيا، وهو ما يعني أنّ لترامب مُحاولات سابقة للإضرار بمُنافسه بايدن، أو مُضايقته بحسب توصيف رئيسة مجلس النوّاب الأمريكي نانسي بيلوسي، والتي حاولت عزل ترامب، بتقديمه للمُحاكمة، ضمن اتّهامات مُحاولة استغلال النّفوذ لمُضايقة مُنافسه في الانتخابات الرئاسيّة، وعلى خلفيّة هذه الحادثة، ليس مُستَبعداً أن يكون لترامب أصابع خفيّة في تصدير قضيّة الدعوى الجنسيّة بحق بايدن، ولسببين، الأوّل التخلّص من مُنافسه الرئاسي، والثاني انتقاماً من الديمقراطيين، ومُرشّحهم الأوفر حظّاً جو بايدن، على مُحاولاتهم عزله.
السّؤال المطروح في أوساط المُراقبين، هو ما إذا كانت هذه الدعوى الفضائحيّة، ستترك أثرها المرجو على سُمعة بايدن، وتدفعه للانسحاب من التنافس في سباق الرئاسة، أو تُقلّل حُظوظه بأصوات الناخبين الفاصلة، مع نفي فريقه سابقاً هذه الادّعاءات، في حين عربيّاً تتعامل وسائل إعلام كما ترصدها “رأي اليوم” مع الفضيحة، وكأنها ضمانة إلهيّة، تضمن لهم استمرار دعم حليفهم الأبرز ترامب اللّافت، ووصوله المُرتقب الثاني للبيت الأبيض.
ولكن أمام الواقع قد لا يخدم وصول أيّ من المُرشّحين قضايا الشرق الأوسط، حيث موقف بايدن من غزو العِراق السّلبي، فقد وافق الأخير على الغزو الأمريكي، وبرّر ذلك بأنّه كان واثقاً بالرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن، كونه يُريد “احتلال” العِراق من أجل مُصادرة الأسلحة النوويّة، ليتبيّن كذبها لاحقاً، أمّا ترامب فقد منح الإسرائيليين اعتِرافاً بالقدس عاصمةً لهم، ثم أعلن صفقة القرن، على حساب فِلسطين التاريخيّة، وسَط تصفيق سُفراء دول عربيّة!
بقلم / خالد الجيوسي لـ“رأي اليوم”,