آراء حرةالرئيسية

كيف سنواجه جائحة كورونا لو استمرت لبضعة شهور؟؟

بقلم/ محمد القاضي

أي دولة من دول العالم الثالث او النامية اجتاحتها جيوش “كوفيد التاسع عشر” وقامت بإجراء فرض حالة الطوارئ الصحية (الحجر الصحي)؛ قد تصمد في مواجهة آثار هذا الوباء الاجتماعية لشهر او شهرين او ثلاثة شهور على أبعد تقدير.
على مستوى بلدنا الحبيب الذي ينتمي إلى الدول النامية؛ أثبت الشعب المغربي؛ منذ تاريخ دخول قانون الطوارئ الصحية حيز التنفيذ؛ على أنه في مستوى عال من الوعي فيما يخص الالتزام بهذا القانون باستثناء حالات انفلات نادرة في بعض المناطق خاصة على مستوى الأحياء الآهلة بالسكان؛ بالرغم من الظروف الصعبة التي تعيشها شرائح واسعة من الناس.
ولكن من الضروري أن نضع امامنا جميع السيناريوهات الممكنة للبحث عن حلول استباقية لكل سيناريو قد يفاجئنا.
ماذا لو استمرت هذه الجائحة الكورونية لبضعة شهور ؟ هل طرح صناع القرار بالمغرب هذه السيناريوهات على طاولة مداولاتهم؟ وكيف سيتم مواجهة آثارها الاجتماعية ؟ وهل أعدوا لها الحلول الاستباقية؟
الأمر فعلا مقلق جدا؛ خصوصا وأن شرائح واسعة من الأسر المغربية تسترزق من العمل المياوم ومن الاقتصاد غير المهيكل؛ ندرج في هذا السياق بعضها ( نُدُل وعمال المقاهي ؛ الباعة الجائلين بكل اصنافهم ومستوياتهم؛ عمال المتاجر الذين لا تأمين لهم ؛ العمال الذين توقفوا عن العمل بسبب الحجر الصحي.. الخ).
كيف ستقوم الدولة ومؤسساتها لتأمين المؤن لهم واحتياجاتهم الأساسية الضرورية بشكل يحميهم من الجوع ؟
هل الدولة وضعت في أجندتها التدابير الناجعة لمواجهة آثار هذا السيناريو ؟ وهل وضعت الآليات الضرورية والناجعة للحرص على ضمان تقديم الخدمات والمواد الأساسية لهذه الفئات ؟
اذا وجدت الدولة نفسها ؛ لقدر الله؛ أمام هذا السيناريو في الاسابيع المقبلة؛ فهي لا خيار لها غير خيار توفير مقومات الحياة الأساسية ؛ او أن الجوع سيؤدي إلى نتائج كارثية على السلم الاجتماعي وأنتم تعرفون الباقي.
لذلك يجب من الآن التصرف والتعامل مع هذه الأزمة من منطلق أنها ستدوم وستطول ؛ والتدقيق بشكل جيد وحذر وعادل في من يستفيد ومن لا يستفيد بعيدا عن منطق “باك صاحبي” وبعيدا عن منطق التسيس.
ولابد من الإشارة في هذا الصدد؛ أن هذه الأزمة أصابت الجميع وألحقت الضرر بالجميع وكبدت خسائر للجميع ؛ ولكن لابد ايضا أن نتصرف بنزعة إنسانية ونزعة تضامنية وتآزرية ونزعة مفعمة بحب الوطن ومغلفة بقيم ديننا الحنيف… فالذين لا يجدون ما يأكلون ولا يجدون سبيلا لإعالة أسرهم وتوفير احتياجاتهم الأساسية ؛ يجب ان يكونوا على قائمة أولوية الاولويات.
وبطاقة راميد ليست معيارا دقيقا للتمييز بين الفئات الهشة والفئات غير الهشة؛ لأن طرق توزيعها في العديد من المناطق كان يخضع لأمزجة وليس لمعايير الاستحقاق؛ كما ان العديد من العمال والمستخدمين في العديد من المقاولات الصغرى والمتوسطة ومقاولات “المقاول الذاتي” غير مصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بسبب السياسة المالية والجبائية غير العادلة والغير المحفزة والتي كانت سببا رئيسيا عن عدول العديد من أرباب العمل عن التصريح بعمالهم ومستخدميهم.
وفي هذا السياق لابد من الإشارة بعجالة إلى أن هذا الوباء الخطير هو بمثابة مناسبة لصناع القرار لمراجعة العديد من السياسات من ضمنها السياسة المالية والجبائية والتعليمية والصحية والغذائية.
وبالرجوع الى كيفية مواجهة الآثار الاجتماعية لفيروس كورونا؛ أقترح على صناع القرار بالمغرب أن ينتبهوا جيدا للتدابير المتخذة في مواجهة انعكاسات الوباء؛ وأن يدققوا جيدا في معايير من يستفيد؛ لأن هناك اناس لهم ما يكفي من الإمكانيات لمواجهة هذه الأزمة ومع ذلك يتزاحمون مع من لا يملكون حتى مقومات إطعام عيالهم ليوم واحد؛ كما ينبغي عليهم أن يتعاملوا بالصرامة اللازمة مع من ثبت تورطه في استغلال هذه الجائحة لأغراض تجارية أو أغراض ريعية إنتخابية(تجار الأزمات والمآسي). لأن معاينتنا للميدان واستطلاعنا لآراء لعدد غفير من الاشخاص الذين ينتمون للفئات المعدمة والهشة؛ يؤكدون أن بعض (وأسطر على بعض) الساسة ؛ يوزعون مؤن وقفات بانتقائية وبنزعة إنتخابية وليس بنزعة إنسانية وتضامنية بدليل أنهم – حسب ذات الاستطلاعات- يعطون قفات لاشخاص يملكون ويتركون من لا يملكون. (منطق الولاء)؛ وهذا من شأنه أن يؤدي إلى خلق حالات من الفوضى والفتن.

نسأل الله ان يرفع عنا هذا البلاء في اقرب وقت ممكن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى