آراء حرة

ظاهرة الطب بالحجامة والرقية الشرعية … أسلوب جديد للنصب والاحتيال وإفراغ المكبوتات

بقلم / جلال دحموني رئيس المركز المغربي للتنمية وحقوق الإنسان

لم يعد هناك مأمن من ظاهرة التطبيب بواسطة الحجامة أو الرقية الشرعية بعد أن كشفت تسريبات أشرطة الفيديو قبل سنة ونيف، زيف وتحايل راق بركان على ضحاياه وكيف كان يستعمل الرقية الشرعية كغطاء لإفراغ أمراضه ومكبوتاته الجنسية للاثراء ، وبالقدر نفسه لم يعد هناك أي ثقة في التطبيب بواسطة الحجامة بعد مأساة نورة التي قضت وهلكت بعد أن تسبب لها حجام بمكناس في تعجيل هلاكها وسرقة حياتها منها، وهو الأمر الذي كانت الهالكة قد أكدته في تصريحات إعلامية قيد حياتها، حيث صرحت حرفيا أنها تعرضت لعملية نصب واحتيال وأنها كانت تفكر في اللجوء إلى القضاء.

وفي هذا المقال سنحاول تسليط الأضواء بكل جرأة على ظاهرة الحجامة وظاهرة الرقية الشرعية التي يتستر ورائهما نصابة ومحتالون يختارون ضحاياهم بعناية مستغلين سذاجة الناس للاثراء على حسابهم وعلى حساب مآسيهم من جهة ولاستغلالهم في أمور أخلاقية وجنسية من جهة ثانية.
فظاهرة الحجامة تنامت وتغولت و طفت على السطح خلال السنين الأخيرة ارتباطا بمرحلة سياسية وانسجاما مع أدبياتها خصوصا بعد الكساد الذي أصاب قطاع الطب واعترائه نتيجة ارتفاع عدد الاطباء وتجاوز مرحلة الاكتفاء الذاتي إلى الفائض علاوة على بروز أسباب ذاتية وموضوعية تتعلق في الغالب بعمومية القطاع والتباساته فيما يخص التخصص والتطاول على اختصاصات تحتاج لخبرة ومسار أكاديمي علمي وتجربة .
ويعتمد الحجامة على أساليب علاجية بدائية تتمثل في تخفيف الدم في بدن الإنسان واستغلال أمية وجهل المريض وإيهامه بأمور غير صحيحة مثل أن “المرض قد يتسبب في سكتة قلبية” أو ” العمى أو أمراض أخرى”. وهذا الأمر تنامي بشكل مطرد وأصبح المريض – في غياب التوعية – لا يفرق بين طبيب قضى 7 سنوات من التحصيل العلمي بكلية الطب توجت بشهادة دكتوراه منحته إمكانية فتح عيادة طبية ، وبين دجال يزعم أنه قادر على معالجة الناس بالطلاسيم والتمائم والتمتمات .
أما فيما يخص ظاهرة الرقية الشرعية، فقد أثبتت التجارب والتحريات والأسرار التي تتسرب للعلن من أبرزها حالة راق بركان والعدد المرتفع لضحاياه، فقد أصبحت تتسم بأبعاد مخيفة ومرعبة وخطيرة، إذ أن ممارسوها لا يجدون أي حرج في استغلال الدين وتحريفه والعزف على وتره والجمع بين ممارسة العنف الجسدي والاستغلال الجنسي على ضحاياهم من دون أن يبالوا بتداعيات سلوكاتهم المرضية على صحة ونفسية الضحايا الذين شاءت الأقدار أن تقودهم إليهم.
التحريات والتقارير التي نشرتها العديد من الصحف الوطنية والدولية كشفت أن الرقاة غالبا ما يعمدون إلى التغطية على أعمال النصب والتحايل التي يقومون بها ضد ضحاياهم، من خلال تظاهرهم بترديد تعويدات لطرد السحر، ومطالبة الضحايا بالقيام ببعض السلوكات الغريبة لإيهامهم بأنه راق متمكن وأنه قادر على علاج “المس” وإبطال السحر والعين بترديد آيات من القرآن أو أدعية خاصة، ومحاولة إدخال الوسواس لنفوس ضحاياه وشيطنتهم مع ذاتهم في محاولة من الرقاة لإبراز قدراتهم الوهمية على علاج الضحايا سواء كانوا أغنياء أو فقراء، متعلمين أو أميين.
كما أن ذات التحريات أكدت أن المئات من زبناء هذا “الطب الغيبي” يصلون إلى درجة الاعتقاد أنهم فعلا مصابون بأرواح شريرة كالمس والجن ، ويترسخ في أذهانهم أن “ابتهال ودعاء” الرقاة سيحررهم وسيشافيهم.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد أن الأبحاث الإسلامية تروي أن الرقية الشرعية كمتخيل كانت منتشرة جدا في الجاهلية عند العرب، وقام سيدنا محمد (ص) بملاءمتها مع الإسلام درءا لأي انفلات” مشيرة إلى أن الرسول (ص) نفسه كان يمارس الرقية، ولكن كابتهال إلى الله وليس كعلاج، بيد أن رقاة اليوم يتجاهلون هذا الأمر، وأصبحوا يوظفونها لأعمالهم الشيطانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى