محمد القاضي
خلال العشر سنوات الأولى من الألفية، كان معظم الفاعلات والفاعلين والباحثين يشيدون بأهداف الأمم المتحدة الإنمائية للألفية..ويستعينون بها في خطاباتهم ومحاضراتهم وندواتهم وغيرها…
وأنا شخصيا كنت من ضمن هؤلاء…
غير أنه مباشرة بعد سنة 2011 ، بدأت العديد من الأسئلة تنتابني، إذ أن أول سؤال تبادر إلى ذهني هو : هل أحداث الحريق العربي تندرج ضمن الشطر الأول للالفية ؟ وهل جائحتي أنفلوانزا الطيور والحلوف تندرج أيضا ضمن الشطر الأول(2000-2015).؟
هل هذه الأحداث تندرج ضمن التحضير لعملية إعادة الضبط الكبرى ؟
لذلك من الضروري التعامل مع الشطر الثاني ( 2015-2030) من أهداف الألفية بنوع من الحذر ..
في سنة 2017 كتبت مقالة تتضمن بعض الاستنتاجات لما قد سيقع في المستقبل بناء على المعطيات المتوفرة أنذاك، وبناء على قراءة متآنية لمسلسل التحولات التي وقعت خلال سنوات الشطر الأول وما رافقها من أحداث ووقائع على المستوى الإقليمي والعالمي.
بدءا من نهاية سنة 2019، بدأنا نسجل ونعاين تغير جدري على مستوى الخطابات الرسمية لدى قادة العواصم الغربية…إذ أن النخب الغربية بدأت تسوق لما تسميه ” النظام العالمي القائم على القواعد” وليس على القانون الدولي ..وهو ما يعني التخلص من مواثيق وعهود القانون الدولي والتحرر من التزاماته، والسعي نحو فرض قواعد جديدة على البلدان النامية بشكل أو آخر ..وقد تجلى هذا الأمر بوضوح من خلال حدوث ردة حقوقية على مستوى العديد من بلدان العالم سيما بلدان العالم النامي.
ومن ثمة فإن الأحداث العسكرية القائمة بين روسيا وبلدان الحلف الأطلسي، كانت متوقعة ، وقد توقعها العديد من الخبراء والمحللين والمراقبين ، وقد وقعت فعلا…
وهي حرب تدور حول القيم قبل البعد الاقتصادي ..
الشطر الثاني من أهداف الألفية للأمم المتحدة جعل من “التنمية المستدامة” عنوانا عريضا لكل أهدافه، مثل التركيز : على الأسرة والطفل والحماية الاجتماعية والحرية الفردية والتغير المناخي ووو الخ.
الوقائع والبرامج التي تم تنزيلها إلى حدود الآن في مختلف بلدان العالم النامي تثبت عكس الاهداف المعلنة، وهو ما يعني : إما أن النخب الغربية تريد التحرر منها بشكل نهائي وترك الإنسان فريسة للفقر والجوع والتحكم في سلوكه وعقله وتكبيل طاقاته ، وإما أن المشروع لم يكتمل بعد لكي تنعكس ثماره على الإنسان.
تقارير كثيرة صادرة عن مؤسسات إعلامية ومؤسسات غير حكومية وعن محللين استراتيجيين ، تشير الى أن الليبرالية الجديدة ( النيوليبرالية) التي قالوا أنها تتحكم في توجيه مؤسسات الأمم المتحدة، تسعى إلى دفع المجتمعات نحو التخلي عن الاديان (الالحاد) والتخلي عن مجانية التعليم والصحة، وإغراق المجتمعات بالمخدرات من خلال تقنين عملية استهلاكها والقضاء على نواة الأسرة وتدمير كل القيم التي لها علاقة بالهوية الثقافية وغيرها بالاضافة الى شرعنة العلاقات الحميمية المختلطة واستغلال الأطفال .
هذا المشروع النيوليبرالي تعارضه روسيا بقوة ؛ وتعارضه العديد من الكيانات السياسية والاجتماعية والعديد من حكومات العالم.
المعسكران الآن يتواجدان في حالة تصادم ، إذ كل معسكر يسعى إلى تقويض واضعاف الاخر ، من خلال التقويض الاقتصادي والحروب الاعلامية الشرسة وربما احيانا عبر الاستعانة بالعمليات الإرهابية(تجنيد مرتزقة او أحداث منظمات سرية ) ..
وهذا الصدام سيستمر على كافة الاصعدة والمستويات (اقتصاديا وسياسيا ودبلومسيا وإعلاميا وإرهابيا)، وسيؤدي في النهاية إلى اندلاع شرارة الحرب العالمية الثالثة الكبرى (الصدام المباشر بين القوى الكبرى).
والنتيجة ستكون هي فقط ما يريده الله ..
مكروا ومكرنا ولكنهم لا يشعرون
مكروا ومكر الله والله خير الماكرين
سورة طه الاية 97
قَالَ فَٱذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِى ٱلْحَيَوٰةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ ۖ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّن تُخْلَفَهُۥ ۖ وَٱنظُرْ إِلَىٰٓ إِلَٰهِكَ ٱلَّذِى ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا ۖ لَّنُحَرِّقَنَّهُۥ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُۥ فِى ٱلْيَمِّ نَسْفًا
إرسال تعليق