آراء حرة

لهيب الحرب العالمية الثالثة يتأجج .. ماهو موقع الوطن العربي منها؟

بقلم / محمد القاضي

تقول حكمة صينية قديمة ” لا أحد يستطيع ركوب ظهرك إذا لم تنحني له”، ويبدو أن بلداننا العربية لم تستوعب بعد مغزى هذه الحكمة ولا تستفيد من عبر ودروس التاريخ.
مع بداية القرن العشرين بدأت مشاريع الردة العربية العربية بالتزامن مع مشاريع تفتيت الأوطان العربية جغرافيا وفكريا وثقافيا واقتصاديا وعقائديا..
وبالرغم من بروز بعض المشاريع النهضوية في الوطن العربي مع مطلع الستينيات من القرن الماضي ، فقد تم اجهاضها والقضاء على روادها بشكل أو آخر …
وقد استمرت ماكينة القوى الاستعمارية الغربية في استهداف الوطن العربي بكل الوسائل المتاحة والقضاء كل فرص النهوض بالاقلاع الاقتصادي العربي، واستنزاف ثرواته ومقدراته بشكل وقح للغاية، إما بشكل مباشر أو عن طريق افتعال حروب ونزاعات أو عن طريق الابتزاز أو عن طريق توظيف ” خدعة العمل الإنساني وحقوق الانسان” أو عن طريق آليات الداعش المالي (BM-FMI) لإغراق هذه الدول في وحل المديونية وابتزازها واضعاف سلطة الحكومات العربية من خلال سحب القطاعات السيادية والمربحة من سيادتها وتفويتها بصيغة أو أخرى إلى شركات القوى الاستعارية بشكل تدريجي إلى أن أصبح واقعنا على ماهو عليه ، حيث تجد فيه معظم حكومات وطننا العربي نفسها غير قادرة على توفير متطلبات الحياة الكريمة لشعوبها، بل تجد نفسها مضطرة إلى إثقال كاهل مواطنيها بالغرامات والضرائب ورفع الأسعار وتغاضيها عن الفساد المالي والأخلاقي والسياسي.
نفس القوى الغربية توهم حكومات الوطن العربي بمساندتها ودعمها وحماية ساستها من ردة فعل شعوبهم وفي نفس الوقت التغاضي عن جرائم بعضهم ضد شعوبهم.

نحن وصلنا إذن إلى مرحلة تاريخية حساسة ومفصلية في تاريخ البشرية، ينبغي علينا استثمارها لتقييم سياستنا وإعادة النظر في توجهاتنا الاقتصادية في شقها الصناعي والخدماتي وشقها الزراعي وإعادة النظر في برامجنا التعليمية وتحويل أنظارنا نحو همومنا الداخلية لبناء اكتفائنا الذاتي وتأمين أمننا الغذائي والطاقي والروحي والاستثمار في قدرات الشباب وطاقاتهم وابتكاراتهم والتحرر بشكل تدريجي من التبعية الاقتصادية والثقافية والتعليمية.

كل ما نخشاه هو أن تكرر بلداننا العربية خطأ التموقع مع أطراف الحرب ، أو أن تثق في سخافات وأراجيف القوى الغربية..
لقد حان الوقت لكل بلدان الوطن العربي أن تستغل هذه الفرصة الذهبية التي لن تتكرر أبدا ، في توحيد على الأقل رؤيتهم الاقتصادية وتنشيط التعاون الاقتصادي والمالي والأمني والعسكري فيما بينهم ، ووضع الخلافات في قمامة النسيان إلى الأبد اذا أرادوا إنقاذ أنفسهم من الأفخاخ التي تنصب لبلداننا والزج بها في حروب الآخرين… فالحرب بين الصين وروسيا وامريكا ستدمرهم جميعا من خلال تدمير بعضهم البعض.
وفي هذا السياق لابد من الاشارة إلى أن بث مشاعر الكراهية من قبل بعض الكراغلة ضد المغاربة ، ازدادت حدة وتصعيدا مباشرة بعد زيارة الديك الفرنسي للجزائر وبعض قادة العواصم الغربية، ما يعني أن لهم اليد الطولى في هذه الصناعة الخبيثة بهدف تعكير العلاقات بين الجزائر والمغرب وإغلاق أبواب الانفراج … ونفس الشيء يقومون به على مستوى كل البلدان العربية… لأن الشياطين لا يستطيعون العيش الا من خلال خلق فتن للآخرين.

اذن علينا كأوطان عربية أن نعي جيدا خبث القوى الاستعمارية في التعاطي معنا، وعلينا أن نتعلم كيف نتحرر منهم وأن نتطلع إلى بناء قوة عربية قادرة على سحق كل من يتطاول عليها وعلى شعوبها وثرواتها.

بعض أطراف الحرب المستعرة بين الغرب وروسيا والصين يحاولون استعمالنا كحطب ومعاول في حروبهم من أجل الانتصار بمقدراتنا وثرواتنا المالية والبشرية، ويبدو هذا جيدا من خلال قيامهم بمحاولة التأثير علينا بهدف تخويفنا وترهيبنا من أجل أن ننصاع إلى أراجيفهم.

وفي هذا السياق قال ثعلب السياسية الأمريكية هنري كسنجر في تصريح سابق بأن نذر الحرب العالمية الثالثة ظهرت في الأفق وطرفاها هم الولايات المتحدة الأمريكية من جهة ، والصين وروسيا وإيران من جهة أخرى مضيفا أن ما يجري الان هو تمهيد لهذه الحرب التي ستكون شديدة القسوة -على حد تعبيره-؛ بحيث لا يخرج منها ، بحسب رأيه، سوى منتصر واحد هو الولايات المتحدة الأمريكية.
نستشف من خلال تصريحه أنه يوجه رسالة مشفرة إلى البلدان النامية ومن ضمنها البلدان العربية؛ من خلال تأكيده أن الولايات المتحدة هي من ستنتصر .. وأن من لا يقف في صفها ستعود اليه لسحقه..
بينما في الجانب الاخر، قال نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري ميدفيديف، بأن العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرااااانيا بأنها “معركة مقدسة ضد الشيطان”، مشيرا إلى أن موسكو قادرة على إرسال كل أعدائها إلى نيران جهنم الأبدية ، وأضاف ان موسكو تحارب “مدمني مخدرات نازيين مجانين” مدعومين من الغربيين الذين قال إن “لعابهم يسيل على أذقانهم من الانحلال”.

إن الدول الدول العربية مطالبة أكثر من أي وقت مضى بتحييد موقفها من الحرب القائمة وحل خلافاتها وطيها إلى الأبد والالتفاف إلى خدمة اوطانها وشعوبها وتعزيز تعاونها الاقتصادي والعسكري والأمني والتكنولوجي ، قبل ان يجرها سوء اختيارها وأنانيتها وثقتها الزائفة بالقوى الاستعمارية، إلى المجهول او مزابل التاريخ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى