*”البرهان بين المطرقة والسندان”*
✍️ بقلم: اعتصام عثمان
الرئيس عبد الفتاح البرهان يجد نفسه في موقف لا يُحسد عليه، حيث يتعين عليه التوازن بين ضغوط داخلية وخارجية هائلة. البرهان، الذي تولى قيادة السودان في فترة حرجة، يسير على حقل ألغام مليء بالتحديات التي تتطلب الحكمة والبصيرة.
منذ توليه السلطة، واجه البرهان سلسلة من الأزمات التي هزت البلاد. حرب 15 أبريل كانت بمثابة زلزال عنيف ضرب السودان، مما جعل البرهان في موقف يتطلب منه اتخاذ قرارات حاسمة وحكيمة. في زمن الزلازل، يحتاج القادة إلى أن يكونوا أقوياء وحكماء في آن واحد.
البرهان ليس غريباً عن النقد والهجوم السياسي. العديد من السياسيين هاجموه لأنه لم يتخذ مواقف تخدم مصالحهم الفكرية والسياسية. البرهان يخوض معارك داخلية متعددة، بينما تتربص به أطماع خارجية. الغرب يحاصر سلطته، ويدفعه دفعاً إلى مصير مشابه لمصير الرئيس السابق عمر البشير. من جانبه، يحاول البرهان إبعاد شبح العقوبات الدولية عن السودان، بينما يطمع الخليج في ثروات البلاد.
البرهان يقاوم ويرفض الانصياع للعصا التي تلهب ظهره لكي ينحني ويمنح ما يريدون. البرهان ليس كاذباً ولا خائناً، ولا ضعيفاً، بل هو قائد حكيم يحاول إطفاء الحرائق بقدر المستطاع، بينما تستفيد جهات أخرى من أوراها.
المشهد الأهم في هذه الجدارية السياسية هو أن الرئيس البرهان، رغم أخطائه، يعمل على استعادة الدولة. سوف يذهب كل هذا العذاب سدى إذا مضينا في الجدل العقيم. الانتصارات لا تأتي من الخارج، وأكبرها أن تكون الناس تحت سقوفها.
جهود البرهان في استعادة الدولة في هذه الفترة تعكس وعياً وطنياً عميقاً بضرورة تجنب الفوضى السياسية والأمنية مستقبلاً. فالانقسام السياسي على أشدّه، والتمترس الحزبي جاهز لإعادة إنتاج خطاب مواجهة داخلية تداعياتها أقسى من تداعيات حرب 15 أبريل.
اللحظة السودانية ليست مناسبة لمحاكمة مرحلة البرهان، لأنها لم تصل إلى نهايتها بعد، لكن يجب أن يكون الأبرز في هذه المرحلة خطاب سياسي واقعي، يعمل على تقييم أداء الرئيس البرهان بقدر من الإنصاف. جميع السياسيين في بلادنا لا يملكون رؤية عن كيف ننقذ وطننا؟ وكيف نبنيه؟ وكيف نعيد الحياة لمؤسساته الدستورية، وفي الطليعة العبور ببلادنا إلى مرحلة انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
إذاً، البرهان وشعبه، وجيشه، وأبناءه المقاتلين في ميدان المعركة، من شباب الإسلاميين، شباب ثورة ديسمبر، وعموم شباب السودان أمام امتحان إعادة الحياة لبلادنا، وبعبارة أخرى، ملء الفراغ الوطني، وليس التناحر على الفشل السياسي.
البرهان عسكري وليس سياسي، يجيد المناورة ومنهج استنزاف الخصوم والمنافسين، لذلك هو في مرمى سهامهم في كل مرحلة من مراحل حكمه، ولكن الأهم في هذه المرحلة الإقرار بأنه يعمل بجهد عظيم في أن يعود السودانيون إلى ديارهم، تاركين خلفهم ذل مراكز الإيواء والنوم في الشوارع، وتناول وجبات الشفقة.
البرهان يدرك أن التحديات التي يواجهها ليست سهلة، وأن الطريق إلى استعادة الاستقرار طويل وشاق. لكنه يظل مصمماً على تحقيق أهدافه، مستعيناً بحكمته وصبره. البرهان يعلم أن السودان يحتاج إلى قيادة قوية وحكيمة لتجاوز هذه المرحلة الصعبة، وأن الوحدة الوطنية هي السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار والتنمية.
في النهاية، يجب أن نتذكر أن البرهان ليس وحده في هذه المعركة. الشعب السوداني يقف إلى جانبه، داعماً ومسانداً، لتحقيق الأمل في مستقبل أفضل. البرهان بين المطرقة والسندان، لكنه يظل قائداً شجاعاً وحكيماً، يسعى جاهداً لتحقيق السلام والاستقرار لبلاده.
محبتي واحترامي