موسم جني الأصوات وبيع سلعة الوهم والنفاق ينتعش عند كائنات الانتخابات بفاس

بقلم/كريم الورياكلي

تعودنا على ظهور مبادارات زئبقية كلما اقترب موسم الانتخابات، وهذه المبادرات المتعددة الأشكال والألوان والأنماط تتكرر كل خمس سنوات وتختفي مباشرة بعد مرور يوم الانتخابات…ليبدأ بعدها موسم النهب والسرقة الموصوفة والعنصرية والانتقامات وقتل أمل المغاربة في العيش الكريم على امتداد خمس سنوات كاملة.

قبل ظهور مواقع التواصل الاجتماعي كان تجار الوهم كلما اقترب موسم الانتخابات يحطون سلعهم بالقرب من السكان عبارة عن بضائع الوهم وتوزيع الوعود شرقا و غربا وجنوبا وشمالا مع التظاهر بالتواضع واللجوء الى القيام بتوزيع بعض القرفيات على الماردين والشناقة قصد قيامهم بمهمة تلميع تواضع وكرم زنادقة تجارة الوهم .

أما اليوم مع تقدم التكنلوجيا وتطورها، فقد قام النصابة والمحتالون واللصوص الكبار الذين يتغذون من خردة البزار الانتخابي والريع السياسي والتنظيمي بتطوير مبادراتهم الاحتيالية وتغليفها بأعمال “البر والخير” من خلال الاستثمار في بؤس وفقر وجهل الناس وإيهامهم بأنهم محل اهتمام وعناية.. مع العلم أن الذي أنتج هذا الفقر والبؤس هم أنفسهم.
إذ أن هؤلاء النصابة والمحتالون لا يترددون في تزويد بعض الفئات الهشة ببعض المعونات الاجتماعية الهزيلة جدا مثل قفة رمضان، أو خرفان أضحيات العيد أو التظاهر بتقديم بعض المساعدات لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة والاشخاص المعاقين .
وهذه المساعدات التي تحركها خلفيات قذرة وسياسوية تؤسس لمجتمع يقوم على الاتكالية والسعاية، وتؤسس لثقافة مغلوطة ومزيفة داخل مجتمعنا، إذ يصبح حق الإنسان في العيش الكريم يرادف “صدقة” ومظاهر التسول.
من يريد فعل الخير فعلا في المواطن وتحصين مناعة الوطن، عليه أن يساهم في تمكين المواطنين من نيل حقوقهم التي تضمن لهم كرامتهم وتحفظ ماء وجههم، وليس تحسيسه بكونك تعطيه صدقة أو تمنّ عليه..
من يريد فعل الخير فعلا، عليه أن يقوم بواجبه المنوط به واحترام تعاقده السياسي الذي قدمه في حملته الانتخابية للناخبين وليس تحويل هؤلاء الناخبين إلى مجمع للسعاية والمحتاجين والضحايا ومتسولي الصدقات وزرع الفتنة بينهم…
وعلى المؤسسات الحكومية والمؤسسات المنتخبة أن تتحمل مسؤوليتها كاملة في التعاطي مع فئات الشعب وتوفير الحقوق الخاصة بكل فئة.
المواطن المغربي بطبعه يرفض أن يمنّ عليه أحدا بصدقة أو يحسسه أنه “كيدير فيه الخير”، فهو يحتاج إلى من يصون كرامته ويحفظ حقوقه التي تضمنها له كافة الدساتير والقوانين الكونية وليس في حاجة إلى من يستغل عوزه والاستثمار في فقره وبؤسه ووضعيه الاجتماعية.
أصبح من الضروري على الجهات المختصة مساءلة من يدعون أنهم يفعلون الخير عن مصدر تمويل هذا الخير، لتنظيف المجتمع من الذين يزرعون ثقافة السعاية والتسول والكسل والخمول وتشويه مفاهيم حقوق الإنسان والاستغلال البشع لكرامة الانسان.
وفي هذا الصدد، هل تساءل ذات يوم الذين تعودوا على انتظار قفة رمضان أو قطط أضحيات العيد الذين يستلمونها من جهات سياسية أو التي تنفذ أجنداتهم، من أين يأتون بهذه القفات وبهذه القطط؟
إنها من أموالكم المنهوبة والمسروقة ، إنها من مستقبل أبنائكم الذي سرقوه منهم، إنها من أموال الرشاوي والصفقات العمومية المغشوشة التي تمول من ضرائبكم ، وهذه الصدقات التي يمنون عليكم بها لا تساوي صفر فاصلة صفر صفر صفر واحد، من مجموع المسروقات التي طحنوكم فيها وطحنوا معها مستقبلكم وجلبوا معها الجريمة والقرقوبي والتخلف والفوضى لمجتمعكم لتعيشوا في رعب وخوف وفزع ( ويكفي الاستشهاد بالجحيم الذي تعيشه بعض الأحياء في عدد من المدن..الكريساج بالعلالي حتى رجال الأمن يتعرضون إلى اعتداءات متكررة ).
هؤلاء الساسة هم أصل المشكل وأصل الكوارث التي نعيشها جميعا، وينبغي علينا أن نتجند لهم جميعا لأجل فرز نخب جديدة بعقليات جديدة …
فأنت أيها المواطن إذا كنت تعتقد أن فلان يمن عليك ، فأنت واهم ، فأنت في نظره لست أكثر من صوت انتخابي تساوي قفة رمضان وتساوي ورقة نقدية من فئة مائة او مائتين درهم، وليس من حقك أكثر من ذلك..
فعليك أن ترفض الصدقات من الجهات السياسية أو المنظمات الموازية لها…. بل طالب بحقك فقط بالطرق القانونية وساهم في رسم مستقبل مدينتك وحيك ووطنك من خلال الاحتكام لسلطة ضميرك وليس لأهواء شيطان نفسك …
وإذا كان هذا الذي يمن عليك غير قادر على تأمين حقوقك المشروعة، عليه أن يرحل ، فبلدنا ولله الحمد يتواجد به أطر وكفاءات عليا …تم تهميشهم وطحنهم من طرف هؤلاء الذين يتظاهرون أنهم يمنون عليك بقفة رمضان لا تتجاوز قيمة محتوياتها 50 درهم يتوسطها قالب سكر، تحت أنظار الكاميرات وتسويقها في مواقع التواصل الاجتماعي في محاولة منهم لتغليط الناس من جهة وإيصال رسالة مفادها أنهم أناس طيبون ويفعلون الخير.
بلادنا لم تعد تقبل مثل هاته الكراكيز والإمعات والكائنات الانتخابية، فنحن نعيش عصر العولمة الذي يفرض علينا تحديات كبرى تحتاج إلى عقول وسواعد وكفاءات يكون أصحابها لهم حس وطني أصيل ويخافون على وطنهم ومستقبل وطنهم ولهم قدرة على مواجهات تحديات العولمة والنهوض بمستقبل الوطن…
ولا يمكن لإمعات وكراكيزانتخابية تعودت على السرقة والنصب والاحتيال والريع التنظيمي والسياسي ولانتخابي وتنفيذ الاجرام في حق الوطن والمواطن وفي حق الجماعات الترابية التي يديرون شؤونها أن يقاوموا تحديات العولمة.

إذا كان سعر الحمار يصل الى أكثر من 6000 درهم ؛ فلا تبيع ضميرك ومستقبلك ومستقبل وطنك وكرامتك ب200 درهم..

  • Related Posts

    المخدرات والتدخين موضوع ندوة تحسيسية بفاس

      خديجة الخادير / أفريك تيفي احتضنت القاعة الكبرى لجماعة فاس الحضرية بعد زوال اليوم الخميس 12 يونيو الجاري ندوة تحسيسية حول مخاطر التدخين والمخدرات بتنظيم من جمعية قافلة نور…

    تعيينات جديدة بالمصالح اللاممركزة للأمن الوطني

    متابعة /أفريك تيفي مواصلة لمسار تنزيل استراتيجية فتح الباب أمام الكفاءات الشابة لتحمل مسؤولية التسيير الأمني وتكريس التداول على مناصب المسؤولية، أعلنت المديرية العامة للأمن الوطني، اليوم الأحد (8 يونيو)،…

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    You Missed

    المخدرات والتدخين موضوع ندوة تحسيسية بفاس

    المخدرات والتدخين موضوع ندوة تحسيسية بفاس

    طنحة…زوج ينهي حياة زوجته بالزيت المغلي

    طنحة…زوج ينهي حياة زوجته بالزيت المغلي

    تعيينات جديدة بالمصالح اللاممركزة للأمن الوطني

    تعيينات جديدة بالمصالح اللاممركزة للأمن الوطني

    أطر التربية والتكوين التجمعيين بعمالة مكناس يؤسسون تنظيمهم

    أطر التربية والتكوين التجمعيين بعمالة مكناس يؤسسون تنظيمهم

    حادثة سير خطيرة قرب مركز أجدير بإقليم الحسيمة

    حادثة سير خطيرة قرب مركز أجدير بإقليم الحسيمة

    جهود متواصلة واستعدادات مكثفة لتطوير السياحة البحرية بالحسيمة قبل انطلاق الموسم الصيفي 2025

    جهود متواصلة واستعدادات مكثفة لتطوير السياحة البحرية بالحسيمة قبل انطلاق الموسم الصيفي 2025