كشف تقرير أنجزه المرصد الوطني للأشخاص المسنين حول الأشخاص المسنين أن نسبة الشيخوخة في الهرم السكاني المغربي في تصاعد مهول، وهو ما يعني أن شريحة الشباب التي تشكل العمود الفقري لكل مجتمع، في طريقها إلى الانقراض، وهذا التحول له تفسير واحد يتمثل عزوف الشباب عن الزواج بسبب ارتفاع معضلة البطالة وارتفاع مستوى المعيشة وازدراء حقوق الإنسان وتعرض الفئات الفتية بالمجتمع إلى نكسات اجتماعية واقتصادية ..وهذا النكوص يؤشر إلى فشل النماذج التنموية وانحراف القائمين على تدبيرها وانغماسهم في منظومة الفساد والافساد.
ولإيضاح الرؤية أكثر ندرج لكم التقديم الذي جاء في التقرير السالف ذكره أعلاه.
يعرف العالم اليوم مظاهر تحول ديمغرافي في الهرم السكاني، ترتب عنه تشيخ ملحوظ للساكنة، إذ تعتبر واحدة من أهم مؤشرات التغير الاجتماعي، التي طبعت بداية القرن الحالي على الصعيدين الدولي والوطني، بحكم تأثيرها على المجتمعات في جميع المجالات، بما في ذلك النموّ الاقتصاديّ، وحجم الادّخار والاستثمار والاستهلاك، وسوق الشغل والمعاشات، والأنظمة الصّحّيّة والحماية الاجتماعية، والتفاعل المتبادل بين الأجيال، بالإضافة إلى البنيات الأسرية. ولذلك، فإن هذه التغيرات ينبغي أخذها بعين الاعتبار عند وضع وتسطير مختلف البرامج والسياسات العمومية المتعلقة بهذه الفئة من السكان.
والمغرب، كباقي الدول، يعرف تحولا ديمغرافيا سريعا يتجلى في تطور وتيرة الشيخوخة، وبالتالي تزايد نسب المسنين، حيث أبرزت نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2014 بأن نسبة الأشخاص المسنين البالغين ستين سنة فما فوق تمثل 9.4 بالمائة من مجموع السكان .
ويشكل الأشخاص المسنون رمزية وقيمة مُضافة داخل الأسر المغربية، على اختلاف مستوياتها الاقتصادية والاجتماعية وفي الوسطين الحضري والقروي، من خلال نقل خبراتهم ومعارفهم، وتجاربهم المتنوّعة، ونقل القيم التي ظلتّْ محترَمَة في الأوساط الاجتماعية، خاصة احترام الغير، وتقدير التضامن العائلي، والانتماء الجماعيّ، الذي أصبح للأسف يتراجع شيئا فشيئا أمام التحوّلات السوسيو اقتصادية والعمرانيّة، التي أصبحتْ تطبْعُ المجتمع المغربي .
وبالرغم من أن الأشخاص المسنين ما زالوا يحظون بالاحترام والتقدير في العديد من المجتمعات، خاصة التقليدية منها، إلا أن هذا لا ينفي تعرضهم لبعض السلوكات، من قبيل التهميش، واعتبارهم أقل نشاطا وقدرة على العمل، وأكثر ضعفا ،وهي سلوكات تندرج في إطار التمييز المبني على السن، مما يحد من مشاركة الأشخاص المسنين بشكل كامل في التنمية ،ويعيق تمتعهم بجميع حقوقهم .
ولابد من الإشارة إلى أن من بين تجليات الشيخوخة الفقدان الكلّيّ أو الجزئي، بوتيرةٍ متفاوِتةَ، لإحدى أو لمجموع القدرات الجسمانيةّ أو الذهنية، أو كليهما معا، لتطُرَح بذلك إشكالية كبْرى تتعلقُّ بُفُقْدان الاستقلالية بدرجة تتفاوت بدورها بين الأشخاص المسنين. ولذلك، فحين نتحدث عن الأشخاص المسنين لابد من التمييز بأنها فئة غير متجانسة، فهناك شريحة ما زالت لديها القدرة على العمل والإنتاج، والمساهمة في تطوير المجتمع وخدمته، وأخرى تحتاج إلى الرعاية والاعتناء ،وضمان حقوقها المنصوص عليها في الدستور ومختلف القوانين.
المصدر: مقتطف من التقرير السنوي للمرصد الوطني للأشخاص المسنين لسنة 2018
إرسال تعليق