آراء حرة

استهداف الأستاذ .. مدخل لتدمير المدرسة العمومية وتفكيك نسيج المجتمع الاجتماعي

بقلم / محمد القاضي

———–
جاء في المادتين 3 و 4 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن كلِّ فرد له الحقُّ في الحياة والحرِّية وفي الأمان على شخصه. وأنه لا يجوز استرقاقُ أحد أو استعبادُه، ويُحظر الرق والاتجار بالرقيق بجميع صورهما.
فيما الفقرات 1 و 2 و 3 الواردة في المادة 23 من نص الإعلان تؤكد بوضوح، على التوالي، أنه لكلِّ شخص حقُّ العمل، وفي حرِّية اختيار عمله، وفي شروط عمل عادلة ومُرضية، وفي الحماية من البطالة ولجميع الأفراد، دون أيِّ تمييز، الحقُّ في أجٍر متساوٍ على العمل المتساوي ولكلِّ فرد يعمل حقٌّ في مكافأة عادلة ومُرضية تكفل له ولأسرته عيشةً لائقةً بالكرامة البشرية، وتُستكمَل، عند الاقتضاء، بوسائل أخرى للحماية الاجتماعية.
أما المادة الاخيرة من الإعلان فقد وضعت حد لكل تأويل، حيث جاء فيها : “لا يجوز تأويل أي نص من الإعلان على نحو يفيد انطواءه على تخويل أيَّة دولة أو جماعة، أو أيِّ فرد، أيَّ حقٍّ في القيام بأيِّ نشاط أو بأيِّ فعل يهدف إلى هدم أيٍّ من الحقوق والحرِّيات المنصوص عليها فيه”.
———
ولابد من التذكير بأن مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تشكل مرجعا أساسيا لعهود ومواثيق ونصوص القانون الدولي، ومنها نهلت الامم والتكتلات الاقلميية والأمنية في سن المواثيقها والقوانين ذات الصلة بحقوق الانسان (الاتحاد الاوربي …الخ).
كان لابد من هذه الجولة السريعة في مواد المرجعية الكونية لحقوق الإنسان للاستئناس بها في إبراز لا قانونية ولا شرعية صيغة “الاستاذ المتعاقد”.
فالتعاقد هو صيغة توافقية بين طرفين او أكثر،أي في إطار التراضي بين أطراف التعاقد، مثل تعاقد بين الأجير والمشغٌل (بكسر العين) او بين شاب وشابة لأجل الزواج مثلا … وقد يكون هذا التعاقد محدود المدة الزمنية او مفتوحا وقد يكون ايضا مشروطا بالتزامات معينة ومحددة بدقة متناهية….
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة : هل التعاقد الذي بموجبه يشتغل الأستاذ المتعاقد تم برضى منه ام تم فرضه عليه وإجباره على توقيعه بالاكراه ؟.
خروج الاساتذة المتعاقدين للشارع والتعبير بشكل صريح عن رفض العمل بالتعاقد والمطالبة بإسقاطه، لا يعطي الحق إطلاقا للحكومة بفرضه .. وإصرارها على فرضه يعتبر تجنيا على القانون الدولي واعتداء على الحقوق الاساسية للأفراد وانتهاكا صريحا للعهود والمواثيق الكونية ذات الصلة بحقوق الانسان وتكريسا لأسلوب العبودية والاسترقاق في حق الاستاذ مربي الاجيال الصاعادة.

فالأستاذ المتعاقد، سيكولوجيا، لا يشعر لا بالراحة النفسية ولا المعنوية ولا بالطمأنينة والأمان على مستقبله، ولا بأدميته وإنسانيته، ولا بالضمانات التي تضمن له تأمين مستقبله….
إن معظم جهده وطاقته تستنزفها منه هواجس الخوف من المستقبل و الاحساس بالدونية ..وهو ما يثير أسئلة مرتبطة بمردوديته وإنتاجيته؟
كيف يمكن لأستاذ تتعرض طاقاته وجهوده للاستنزاف من هواجس الخوف من المصير المجهول ان يحقق شعارات الاصلاح التي تتغنى بها الحكومة؟؟؟
باختصار شديد، العمل هو حق أساسي تضمنه كل المواثيق الكونية والاهلية وغير قابل للمساهمة والتصرف او التجريد منه تحت أي مبرر كان.،
وقيام الحكومة بفرض التعاقد على الاستاذ بدون رضاه ، يعتبر جريمة في حق الاستاذ وفي حق التعليم وفي حق التلميذ وفي حق مستقبل البلاد وفي حق الانسانية وفي حق القانون الدولي.
وعلى هذا الاساس، يمكن القول على ان التعاقد بالإكراه يفقد صفته ويفقد معناه ويفقد تسميته ويصبح عبارة عن صك للعبودية والاسترقاق للاستاذ والتخريب لمنظومة التعليم وتدمير للوطن واغتصابا لحقوق الاجيال الصاعدة….
ببساطة؛ التعاقد جريمة كبرى ضد الوطن والمواطن تستوجب مقاضاة الحكومة لدى المحاكم المختصة والمحاكم الدولية ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى